الحمد لله المتفرد بعظمته وكبريائه ومجده ،
المدبر للأمور بمشيئته وحكمته وحمده ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وفضله ورفده،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، خير داع إلى هداه ورشده ،
اللهم صل وسلم وبارك على محمد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه وجنده .
أما بعد :
أيها الناس ، اتقوا الله تعالى ، فإن تقوى الله خير لباس وزاد ،
وأفضل وسيلة إلى رضى رب العباد ،
قال تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا **{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ **
فوعد المتقي بالفرج والخروج من كل هم وضيق ،
وبالرزق الواسع المتيسر من كل طريق ،
وقال تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ** ، { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا **
فوعد من اتقاه أن ييسره لليسرى في كل الأمور ،
وأن يكفر عنه السيئات ويعظم له الأجور ،
وقال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ **
فبشر المؤمنين إذا اتقوه بالفرقان ؛ وهو العلم النافع ، المفرق بين الحلال والحرام ، وبتكفير السيئات ومغفرة الآثام ، وبالفضل العظيم من الملك العلام .
فإن سألتم عن تفسير التقوى التي هذه آثارها ، وهذه ثمراتها وفوائدها ، فإن أساسها التوبة النصوح من جميع الذنوب ، ثم الإنابة منكم كل وقت إلى علام الغيوب ، وذلك بالقصد الجازم إلى أداء الفرائض والواجبات ، وترك جميع المناهي والمحرمات ، وهو القيام بحقوق الله ، وحقوق المخلوقين . والتقرب بذلك إلى رب العالمين .
علامة المتقي أن يكون قائما بأصول الإيمان ،
متمِّمًا لشرائع الإسلام وحقائق الإحسان ،
محافظا على الصلوات في أوقاتها ،
مؤديا الزكاة لمستحقيها وجهاتها ،
قائما بالحج والصيام ،
بارا بوالديه واصلا للأرحام ،
محسنا إلى الجيران والمساكين ،
صادقا في معاملته مع جميع المعامَلين ،
سليم القلب من الكبر والغل والحقد والحسد ،
مملوءا من النصيحة ومحبة الخير لكل أحد ،
لا يسأل إلا الله ،
ولا يستعين إلا بالله ،
ولا يرجو ولا يخشى أحدا سواه .
وقد وصف الله المتقي وبين ثوابه ، في قوله تعالى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ** إلى قوله : { وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ** .
من الله علي وعليكم بتحقيق التقوى ، وجعلنا وإياكم ممن استمسك بالعروة الوثقى ، وبارك لي ولكم في القرآن العظيم .
المصدر:الفواكه الشهية في الخطب المنبرية للشيخ السعدي رحمه الله
الموضوع :
التقوى وبيان حدها وفوائدها المصدر :
منتديات ابن الفرات ودجله