المدير العاممساهماتك : 1611
نقاط : 3464
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 26/02/2010
العمر : 36
| موضوع: احذر السقوط الجمعة أكتوبر 08, 2010 5:09 am | |
| كلماعمل العبد معصية نزل إلى أسفل درجة، ولا يزال في نزول حتى يكون منالأسفلين، وكلما عمل طاعة ارتفع بها درجة، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون منالأعلين. وقديجتمع للعبد في أيام حياته الصعود من وجه، والنزول من وجه، وأيهما كانأغلب عليه كان من أهله، فليس من صعد مائة درجة ونزل درجة واحدة، كمن كانبالعكس. ولكنيعرض هاهنا للنفوس غلط عظيم، وهو أن العبد قد ينزل نزولا بعيدا أبعد ممابين المشرق والمغرب، ومما بين السماء والأرض، فلا يفي صعوده ألف درجة بهذاالنزول الواحد، كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة الواحدة ، لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أَبْعَدَ مما بين المشرق والمغرب». فأي صعود يوازن هذه النزلة ؟ والنزول أمر لازم للإنسان، ولكن من الناس من يكون نزوله إلى غفلة، فهذا متى استيقظ من غفلته عاد إلى درجته، أو إلى أرفع منها بحسب يقظته. ومنهممن يكون نزوله إلى مباح لا ينوي به الاستعانة على الطاعة، فهذا متى رجعإلى الطاعة فقد يعود إلى درجته، وقد لا يصل إليها ، وقد يرتفع عنها، فإنهقد يعود أعلى همة مما كان، وقد يكون أضعف همة ، وقد تعود همته كما كانت. ومنهم من يكون نزوله إلى معصية، إما صغيرة أو كبيرة، فهذا يحتاج في عوده إلى درجته إلى توبة نصوح، وإنابة صادقة. واختلفالناس هل يعود بعد التوبة إلى درجته التي كان فيها، بناء على أن التوبةتمحو أثر الذنب، وتجعل وجوده كعدمه فكأنه لم يكن، أو لا يعود، بناء على أنالتوبة تأثيرها في إسقاط العقوبة، وأما الدرجة التي فاتته فإنه لا يصلإليها. قالوا: ومثل ذلك رجلان يرتقيان في سلمين لا نهاية لهما، وهما سواء، فنزل أحدهماإلى أسفل، ولو درجة واحدة، ثم استأنف الصعود، فإن الذي لم ينزل يعلو عليهولا بد. وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الطائفتين حكما مقبولا فقال: التحقيق أن من التائبين من يعود إلى أرفع من درجته، ومنهم من يعود إلى مثل درجته، ومنهم من لا يصل إلى درجته. قلت: وهذا بحسب قوة التوبة وكمالها، وما أحدثته المعصية للعبد من الذلوالخضوع والإنابة، والحذر والخوف من الله، والبكاء من خشية الله، فقد تقوىهذه الأمور، حتى يعود التائب إلى أرفع من درجته، ويصير بعد التوبة خيرامنه قبل الخطيئة، فهذا قد تكون الخطيئة في حقه رحمة، فإنها نفت عنه داءالعجب، وخلصته من ثقته بنفسه وإدلاله بأعماله، ووضعت خد ضراعته وذلهوانكساره على عتبة باب سيده ومولاه، وعرفته قدره، وأشهدته فقره وضرورتهإلى حفظ مولاه له، وإلى عفوه عنه ومغفرته له، وأخرجت من قلبه صولة الطاعة،وكسرت أنفه من أن يشمخ بها أو يتكبر بها، أو يرى نفسه بها خيرا من غيره،وأوقفته بين يدي ربه موقف الخطائين المذنبين، ناكس الرأس بين يدي ربه،مستحيا خائفا منه وجلا، محتقرا لطاعته مستعظما لمعصيته، عرف نفسه بالنقصوالذم. وربه متفرد بالكمال والحمد والوفاء كما قيل:استأثر الله بالوفاء وبالحمد ... وولى الملامة الرجلا فأينعمة وصلت من الله إليه استكثرها على نفسه ورأى نفسه دونها ولم يرها أهلا،وأي نقمة أو بلية وصلت إليه رأى نفسه أهلا لما هو أكبر منها، ورأى مولاهقد أحسن إليه، إذ لم يعاقبه على قدر جرمه ولا شطره، ولا أدنى جزء منه. فإنما يستحقه من العقوبة لا تحمله الجبال الراسيات، فضلا عن هذا العبد الضعيفالعاجز، فإن الذنب وإن صغر، فإن مقابلة العظيم الذي لا شيء أعظم منه،الكبير الذي لا شيء أكبر منه، الجليل الذي لا أجل منه ولا أجمل، المنعمبجميع أصناف النعم دقيقها وجلها - من أقبح الأمور وأفظعها وأشنعها، فإنمقابلة العظماء والأجلاء وسادات الناس بمثل ذلك يستقبحه كل أحد مؤمنوكافر. وأرذل الناس وأسقطهم مروءة من قابلهم بالرذائل، فكيف بعظيمالسماوات والأرض، وملك السماوات والأرض، وإله أهل السماوات والأرض؟ ولولاأن رحمته سبقت غضبه، ومغفرته سبقت عقوبته، وإلا لتدكدكت الأرض بمن قابلهبما لا يليق مقابلته به، ولولا حلمه ومغفرته لزلزلت السماوات والأرض منمعاصي العباد، قال تعالى : ﴿إِنَّاللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْزَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَحَلِيمًا غَفُورًا﴾[ سورة فاطر:41]. فتأمل ختم هذه الآية باسمين من أسمائه ، وهما : " الحليم ، والغفور " كيف تجد تحت ذلك أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة لما استقرت السماوات والأرض ؟ وقد أخبر سبحانه عن كفر بعض عباده أنه : ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾[سورة مريم: 90]. وقدأخرج الله سبحانه الأبوين من الجنة بذنب واحد ارتكباه وخالفا فيه نهيه،ولعن إبليس وطرده وأخرجه من ملكوت السماوات والأرض بذنب واحد ارتكبه وخالففيه أمره، ونحن معاشر الحمقى كما قيل :نصل الذنوب إلى الذنوب ونرتجي ... درج الجنان لذي النعيم الخالد
ولقد علمنا أخـرج الأبوين من ... ملكوتـه الأعلى بذنب واحد والمقصودأن العبد قد يكون بعد التوبة خيراً مما كان قبل الخطيئة وأرفع درجة، وقدتضعف الخطيئة همته وتوهن عزمه، وتمرض قلبه، فلا يقوى دواء التوبة علىإعادته إلى الصحة الأولى، فلا يعود إلى درجته، وقد يزول المرض بحيث تعودالصحة كما كانت ويعود إلى مثل عمله، فيعود إلى درجته. هذاكله إذا كان نزوله إلى معصية، فإن كان نزوله إلى أمر يقدح في أصل إيمانه،مثل الشكوك والريب والنفاق، فذاك نزول لا يرجى لصاحبه صعود إلا بتجديدإسلامهالموضوع : احذر السقوط المصدر : منتديات ابن الفرات ودجله |
|
المدير العاممساهماتك : 554
نقاط : 1191
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 11/04/2010
| موضوع: رد: احذر السقوط الأربعاء ديسمبر 01, 2010 9:09 am | |
| |
|